سماح إدريس لـ «الشرق الأوسط»: لارا فابيان تكذب لأنها لم تهدد وإنما انكشف أمرها

الشرق الأوسط، بيروت، سوسن الأبطح، 22 يناير 2012

لارا فابيان أثناء تكريمها في بروكسل من قبل حلقة بن غوريون

«لارا فابيان تكذب، نحن لم نهددها كما ادعت، وإنما قمنا بحملة حضارية، قدمنا خلالها الوثائق التي لم تتمكن من إنكارها، واضطرت على أثرها لإلغاء حفليها في لبنان، لأنها أحرجت ولم تتمكن من مواجهتنا». هذا ما قاله سماح إدريس، رئيس حملة مقاطعة داعمي إسرائيل لـ«الشرق الأوسط»، يوم أمس، معتبرا أن الرسالة التي وجهتها المغنية البلجيكية – الإيطالية، لارا فابيان، إلى معجبيها في لبنان، للاعتذار عن لقائهم، معبرة فيها عن حبها لهم وخوفها من التهديد، قائمة على «تلفيق.. وابتزاز عاطفي». وكانت لارا فابيان قد كتبت على صفحتها على موقع «فيس بوك» أنها ألغت حفليها بعد تلقيها تهديدات، مضيفة: «لن أغني في ظل التهديدات… لا أؤيد أن أتعامل مع الكراهية، أومن بالتسامح والكرم والحقيقة».

وكانت حملة لمقاطعة لارا فابيان قد انطلقت بمجرد الإعلان عن حفليها في 14 و15 فبراير (شباط) في كازينو لبنان للاحتفال بعيد الحب. ويحتج أصحاب الحملة لأن لارا فابيان غنت عام 2008 في العيد الستين لتأسيس إسرائيل الذي أقيم في باريس أغنية بالعبرية لشاعرة إسرائيلية تدعى نعمة شيمر، تمجد فيها تاريخ الاستيطان منذ عام 1913 أي قبل ولادة إسرائيل، وتتغنى فيها كيف تنمو تلك العائلات المهاجرة في فلسطين، لتنهي الأغنية بعبارة «إسرائيل أحبك» باللغة العبرية أيضا. كما أن فابيان عادت وغنت في إسرائيل عام 2010.

ويشرح سماح إدريس أن «كل محاولاتنا للكتابة إلى لارا فابيان على صفحتها على الـ«فيس بوك» لإيصال احتجاجنا، في البداية، كانت تبوء بالفشل، وتمحى بعد دقائق من نشرها. ولكننا كتبنا للمسؤول عن الصفحة أن عليه أن يتحلى بقليل من الديمقراطية، وأننا سنواصل الكتابة ليل نهار حتى إيصال صوتنا. وهنا تجاوب معنا، وأرسلنا رسالة لها باللغات الثلاث العربية والإنجليزية والفرنسية، كما أرسلنا وثائق وصورا لها خلال نشاطات صهيونية».

وجاء في الرسالة التي وجهها أصحاب الحملة إلى لارا فابيان: «انسجاما مع حقنا الدستوري في حرية التعبير في لبنان، فإننا نتعهد بأن نقاطع حفليك في كازينو لبنان، وسندعو كل أبناء شعبنا اللبناني والفلسطيني في لبنان إلى مقاطعتهما، وسندعو كذلك شعبنا في الجزائر والمغرب وتونس والبلدان العربية الأخرى إلى مقاطعة إنتاجك». وجاء في الرسالة أيضا: «الغناء للحب والسلام في عيد العشاق يتناقض مع دعمك المطلق للعنصرية والاحتلال والاستيطان. ولعلمك يا سيدة فابيان، فإن بلدنا لبنان يبقى، إلى يومنا هذا، عرضة للانتهاكات الإسرائيلية لسيادته. ولقد قتل عشرات آلاف اللبنانيين بالقصف الإسرائيلي، البري والبحري والجوي، منذ تأسيس (استقلال!) إسرائيل عام 1948. كما أن أرض الجنوب ما زالت مزروعة بملايين القنيبلات العنقودية من مخلفات عدوان 2006، متسببة في قتل العشرات من المزارعين والأطفال وجرحهم». إلغاء الحفل أثار احتجاجات من لبنانيين أيضا، اعتبروا أن فيه تشويها لوجه لبنان الحضاري الحاضن للفنون. وقال النائب سامي الجميل: «نريد أن نعرف هل تقبل الحكومة بأن تلغى هذه الحفلة أم لا؟ وهل يمكن لمجموعة في لبنان أن تضغط بهذه الطريقة على فنان عالمي وتدفعه إلى إلغاء حفلته وما يتبعه من تشويه لصورة لبنان في الخارج والداخل، والدولة لا تتخذ موقفا؟»، مطالبا الدولة بقمع هذه المجموعات.

ويشرح سماح إدريس، وهو ابن الأديب المعروف سهيل إدريس، ورئيس تحرير مجلة «الآداب»: «إن الانتصار على لارا فابيان هو من إنجاز (حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان)، وهي هيئة مدنية معنوية، لا علاقة للدولة بها ولا أي حزب لبناني، وهي تعمل بالتعاون مع هيئة مدنية عالمية أخرى تنشط للغاية نفسها، تضم ما يزيد على 150 ألف ناشط حول العالم. وإن هذه الحملات حققت إنجازات خلال خمس سنوات لم تنجز مثيلا لها حملة محاربة الأبارتيد في جنوب أفريقيا طوال أربعين عاما. بحسب ما قاله رئيس أساقفة جنوب أفريقيا».

وتحت وقع ضغوط هذه الحملات لم تلغ فقط حفلات في لبنان طوال السنوات القليلة الماضية، وإنما تمت مقاطعة إسرائيل من قبل مئات الأساتذة الجامعيين في أوروبا وأميركا، وتحركت نقابات حتى في الداخل الأميركي لمقاطعة إسرائيل، وقصة عمال المرافئ الذين يرفضون تنزيل البضائع الإسرائيلية باتت معروفة، لعل أشهرها تلك التي حصلت في كاليفورنيا. ويتمنع حاليا الكثير من الفنانين العالمين عن زيارة إسرائيل، من بينهم فرقة «غوريلاز» وكارلوس سانتانا، وألفيس كوستيللو، وناتاشا أطلس، وفانيسا بارادي، وسنوب دوغ، وغيل – سكوت هيرون، وذا بيكسيز، وغيرهم. لهذا يقول سماح: «حملتنا تأتي في إطار حملة عالمية لمقاطعة إسرائيل نشطت في السنوات الأخيرة، وهي حملة فنية ثقافية توجه رسائل إلى كل فنان يفكر في الذهاب إلى إسرائيل، حيث يتم تنبيهه إلى الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، وتوضح له أن فنانين كثرا باتوا يرفضون الذهاب إلى هناك. وعلى الأثر تشكلت حملة في إسرائيل تدعو إلى مقاطعة المقاطعة وتحاول التصدي للناشطين ضد إسرائيل. أي أن المعركة متواصلة، وساحتها ليست لبنان وحده، وقضية حفلي لارا فابيان هي حلقة في سلسلة».

أضف تعليق