Monthly Archives: جويلية 2014

المقاومة قول وممارسة: حركة مقاطعة إسرائيل BDS نموذجاً

عمر البرغوثي** (نقلا عن موقع مجتمعي)

“الوقوف” مع شعبنا في غزة

أمام مشاهد التقتيل والتدمير الهمجي، الممنهج والمدروس سلفاً، الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد 1.7 مليون فلسطيني وفلسطينية في قطاع غزة المحاصر والمعذّب والمقاوم، يتردد في أذهان كل صاحب ضمير منا السؤال التالي: “كيف أقف مع شعبنا في غزة في هذه الأوضاع؟” لا يوجد رد واحد، ولكن بالتأكيد يوجد رد مناسب لكل الإجابات: “الوقوف” مع غزة لا يمكن أن يكون بـ”الجلوس” أمام التلفاز! فـ”مشاهدة” المقاومة و”الشعور مع” ضحايا العدوان لا يرقيان لمستوى المقاومة ولا حتى دعم صمود شعبنا. لا بد من قول وفعل مقاوم، بشتى الوسائل الممكنة والمبدعة والمؤثرة، لنخفف الضغط على أهلنا من خلال رفع الضغط على الطغاة.

أم العبد و”دروس” المقاومة

Umm-Al Abed-Barghouti-Demonstration.jpg

جدتي الراحلة، أم العبد البرغوثي، علمتني المقاومة قبل عقود دون دروس ولا تنظير. كانت حقاً جدة … عندما كنا في طفولتنا نزور رام الله في العطلة الصيفية، قادمين من أرجاء الأرض، من شتاتنا الإجباري، كنا نعيش فلسطين معها لأسابيع. فمن الزعتر الطازج والنعناع البلدي والتفاح المعطر الذي تلقطه من شجرتها المفضلة، والمقدوس ومربى المشمش المخزون بعناية، وأطباقها الشهيرة، ونظافة كل شيء في دارها، وصورة جمال عبد الناصر التي تطل بشموخ على كل من يدخل البيت، إلى أحاديث السجون والمظاهرات وأسر الشهداء إلى الأنشطة الفنية  … إلى أسرار النضال غير المباح مجرد التفكير فيها خارج منزلها، خلف حدود واحتها العجيبة، بكل هذا وذاك جعلتنا نعي وندرك فلسطين. علمتنا أن وجودنا كمضطهدين يحتم علينا أن نقاوم كي ننتصر. علمتنا الكثير دون أن تتكلم، بالنموذج، بالحنكة وبعقل وذاكرة وروح مفعمة بالوطن وبالعروبة وبصفد وطبريا والفقراء والمعتقلين والمناضلين. رغم كل تضحياتها وعطائها النضالي الخصب في شتى المجالات، من العمل السرّي إلى الخيريّ والمعنويّ، لم تنظر يوماً لنفسها كمناضلة، بل فقط كفلسطينية تقوم بواجبها في “دعم” المقاومة. لم تعِ حقيقة أنها هي والكثيرات والكثيرين مثلها كانوا هم أنفسهم مقاومين.

تعلّمْت من جدتي أن المقاومة، ببساطة، هي ليست فقط ما تقوم به نخبة فدائية مستعدة للتضحية بأغلى ما تملك من أجل الحرية والعدالة؛ بل هي أيضاً كل فعل نضالي ضد الذل والاضطهاد يسهم في استعادة حقوقنا وكرامتنا وأرضنا. إذا حصرنا المقاومة في العمل الفدائيّ وحسب، وهو بلا شك أعلى أشكال المقاومة تضحيةً، نعلن عملياً تقاعس الغالبية الساحقة منا عن القيام بأيّ فعل مقاوم. لذلك لا بد أن نعرّف المقاومة بشكل يحفزنا على أن نقاوم بفاعلية ومثابرة ورؤية، كل في موقعه/ا وبإمكانياته/ا، لا أن نختصرها في أفعال بطولية لآخرين نشاهدهم على الشاشات أو نمجدهم على صفحات التواصل الاجتماعي وحسب. إقرأ المزيد

أول محاكمة لناشطين ضد التطبيع في رام الله

b5cffe8c-0133-4a03-b0c4-c5c1e6b1536d

خلال الشهر الماضي، اعتصم ناشطون ضد التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، أمام مقر محكمة الصلح في رام الله، في أثناء محاكمة أربعة زملاء لهم ناشطين في مجال المقاطعة. وكانت السلطات الفلسطينية قد أوقفت الأربعة على خلفية احتجاجهم على عرضٍ فني لفرقة هندية تم تنظيمه برعاية وزارة الثقافة الفلسطينية قبل نحو شهرين، بعد تقديم الفرقة عرض مماثل في تل أبيب.
خلال الجلسة التي عقدت في 28 أيار الماضي، لم يحضر شهود النيابة الأربعة، وهم عناصر من جهاز الشرطة. ما أدّى إلى تأجيل المحاكمة حتى 14 تموز المقبل. وفي المقابل، قدمت هيئة الدفاع عن المتهمين اعتراضاً على قيام الشرطة باحتجاز الناشطين الأربعة أمام المحكمة وليس في قاعة الانتظار كما تجري العادة. ما اعتبره عضو هيئة الدفاع مهند كراجة في حديثه مع «السفير»: «معيقاً للعدالة».

وشرح كراجة: «هذه أول محاكمة لمواطنين ضد التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي أمام المحاكم الفلسطينية»، وطالب بإسقاط الدعوة عن المواطنين الأربعة، رافضاً تسميتهم بالمتهمين. وقال: «نتوقع من العدالة الفلسطينية أن تكون منصفة للنشطاء الأربعة الذين قاموا بعمل وطني مشرف».
ومن الشعارات التي رفعها المتضامنون مع الناشطين أمام المحكمة: «لا للتطبيع مع من يحرم أسرانا الحرية»، و«لا للاعتقال السياسي»، و«نحن نريد أعداءً لإسرائيل».
بدوره، قال مدير «مؤسسة الحق» شعوان جبارين، في بيان عن المؤسسة إن المحاكمة «تمسّ حرية الرأي والتعبير، خصوصًا أنها تتعلق بقضية التطبيع مع إسرائيل». وتابع: «بحسب تقريرنا الذي صدر بشأن هذه القضية، لم يرتكب هؤلاء النشطاء أي جريمة، وهم من تم الاعتداء عليهم من قبل رجال الامن، وكان عليهم رفع الدعوى، لكن الأمور لم تكن كذلك». وحذر جبارين من قيام إسرائيل باستغلال هذه المحاكمة للضغط على دول العالم لمحاكمة الناشطين المناهضين للتطبيع فيها، «كما يُحاكمون في محاكم فلسطينية».
من جانبه، شرح فجر حرب، وهو أحد المتهمين في القضية: «لقد وقع بالأمس عريضة في رام الله عدد من الوطنيين والأحرار للمطالبة بإسقاط التهم الموجهة ضدنا، خاصة اننا لم نرتكب أي إخلال بالأمن العام». واعتبر حرب أن «تجريمنا في محاكم فلسطينية سيكون له الأثر السيئ على استمرار حركة التضامن الدولية مع القضية الفلسطينية».
يشار إلى أن عناصر الأمن الفلسطينية اعتدوا سابقاً على مجموعة من الناشطين، واعتقلوا من بينهم فجر حرب، وزيد الشعيبي، وفادي قرعان، وعبد الجواد حمايل، في 12 أبريل/نيسان الماضي، لمجرد أنهم عبّروا عن احتجاجهم السلمي الرافض لاستقبال وتنظيم عروض لفرقة فنية هندية خرقت معايير المقاطعة التي تم إقرارها في أغلبية المؤسسات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني. أما التهمة التي وجهت إلى الناشطين فهي: الإخلال بالطمأنينة والقيام بأعمال شغب.
ومنذ حدوثها، شغلت المحاكمة الرأي العام المحلي في رام الله، وعبّر ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي عن استيائهم لملاحقة السلطة أشخاصاً ناشطين ضد التطبيع. وتشرح الناشطة بيسان متري لـ«السفير»: «في الوقت الذي تقوم حركة المقاطعة العالمية بإنجازات على صعيد سحب استثمارات أوروبية من الاحتلال، جاءت السلطة لتحاول ملاحقة النشطاء! نرفض سياسة تكميم الأفواه، وهذا حقنا الشرعي في رفض التطبيع، ولن نخضع للتخويف».
بدوره، اعتبر الناشط رفعت قسيس أن «ما جرى هو اعتداء على حرية الرأي والتعبير. لقد قاموا بالاعتداء على المواطنين وهذا غير مقبول، وكل الشهادات تؤكد أن من قام بالاعتداء هم رجال الأمن».
من جانبه أكد مدير شرطة رام الله العقيد عمر لبزور لـ«السفير» أنه لم يتلقَ أي استدعاء رسمي لعناصره من المحكمة، ما استدعى تأجيل البت في حيثيات القضية.
وأبدى لبزور استعداده لتنفيذ أمر إحضار الشهود من أفراد الشرطة في حال تلقى طلباً رسمياً لمثولهم في القضية، نافياً أن يكون أفراد من الأمن قد تعرضوا بالضرب لمعارضي التطبيع، على عكس ما أكده عدد من الشهود.